المساعدات الإنسانية بالطائرات المسيرة ودعم الذكاء الاصطناعي في مخيم اللاجئين من بنجلاديش

حل مشكلاتنا الأكثر تعقيدًا، بدءًا من المخاطر البيئية وحتى القضايا الاجتماعية، يبدأ من السماء. تلتقط الطائرات المسيرة مناظر شاملة وتلهم أفكارًا جديدة نفتقدها بسهولة على سطح الأرض. تساعدنا أي إمكانيات حالية للتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي على زيادة قيمة الصور الجوية مما يمكننا من التنبؤ بما قد يخبئه لنا المستقبل بحيث نتجهز له كما يجب.

وحيث إن الروهينجا أقلية مسلمة في دولة أغلبها بوذيين، فقد عانوا عقودًا من الاضطهاد العرقي والديني. في أغسطس 2017، شنت قوات الأمن في بورما هجمات ضخمة على مناطق التي يغلب عليها الروهينجا في ميانمار. وفي واحدة من أكبر عمليات الهجرة القسرية في التاريخ المعاصر، غادر مئات الآلاف من الروهينجا أوطانهم وعبروا الحدود متجهين إلى بنجلاديش. وشق الكثير طريقهم إلى مخيم كوتوبالونج بالوخالي في منطقة معروفة باسم بازار كوكس. وفي غضون أسابيع، تضخمت أعداد السكان في كوتوبالونج والمخيمات المجاورة لتبلغ 500,000. وقد أصبح واحدًا من مخيمات اللاجئين الأكثر كثافة على مستوى العالم.

تخلق الزيادة السكانية تحديات لوجستية هائلة لمنظمة الهجرة الدولية (IOM)، والتي تتعاون مع حكومة بنجلاديش والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) لإدارة المخيمات. يتعرض ما يقرب من ثلث المخيم-بما في ذلك ربع المراحيض وما يقرب من نصف صنابير المياه للأيدي-لمخاطر الفيضانات والانهيارات الأرضية أثناء موسم الأمطار. يرتبط أيضًا هطول الأمطار الغزيرة بارتفاع المخاطر الصحية.

وقد أراد المسؤولون أيضًا ضمان استيفاء المخيم لأهداف التنمية المستدامة العالمية (SDG)، ولا سيما الهدف رقم 6: ضمان توافر المياه والصرف الصحي للجميع وإدارتهم على نحو مستدام.

بالنسبة لموظفي منظمة الهجرة الدولية وحكومة بنجلاديش، كان المطلب الشامل يتمثل في تصور نطاق المخيم لمساعدة الأشخاص هناك على أكمل وجه والحفاظ على أوضاع الصرف الصحي. التعرف على كيفية-وكم عدد-الأشخاص الذين يحدثون تغييرًا في مخيم كوتوبالونج قد يكونوا عونًا في الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بكيفية استيعابهم.

استعان المسؤولون بقوة التصوير والتعلم الشامل والمائيات وتحليل الشبكة للتمكين من معرفة مرافق المخيم. وقد حددوا أربع أسئلة أساسية حيث يساعد التحليل والتخطيط بالطائرات المسيرة في الإجابة عنها:

1. ما نسبة اللاجئين بالمخيم الذين لا يستطيعوا الوصول إلى غرفة الغسيل في غضون دقيقتان ونصف من السير على الأقدام؟
2. هل أنواع التحليل المختلفة (تحليل الشبكة،التحليل المستند إلى التغطية) تعطي نتائج مختلفة بشكل ملحوظ للسؤال أعلاه؟
3. ما نسبة السكان الذين يعيشون في المناطق الأكثر عرضة لمخاطر الفيضانات والانهيارات الأرضية؟
4. كم عدد غرف الغسيل والمراحيض الموجودة ضمن المناطق الحرجة؟

أولاً، حدد المسؤولون مجموعات البيانات المتوفرة وأي منها يمكن الاستفادة منه بأقصى قدر ممكن في المساعدة على الإجابة عن الأسئلة.

لمعرفة تعداد السكان، يستعينون بالصور الجوية وحزمة التعلم الشامل المتوفرة المستضافة من قبل ArcGIS Living Atlas of the World لـ Esri. كما يستخدموا الصور الجوية لاقتفاء أثر الخيم والأسس الهيكلية المبنية في المخيمات. وكانوا قادرين على إعادة إنشاء أدوات الذكاء الاصطناعي داخل ArcGIS-تقنية نظم المعلومات الجغرافية (GIS) من Esri-لتحسين ترابط النتائج ودقتها. واستطاعوا من خلال المعلومات والمقاييس المتعلقة بكثافة السكان واستخدام المرحاض التي تمت مشاركتها من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) العثور على إجابات لأسئلتهم:

• لا يتمكن حوالي 1.8 بالمئة من السكان من الوصول إلى المرحاض في غضون دقيقتان ونصف من السير على الأقدام، ويقضي 24 بالمئة من السكان مسافة أكثر من دقيقة واحدة سيرًا على الأقدام.

• يوفر تحليل التغطية نتيجة مشابهة لتحليل الشبكة. ويساعد هذا النهج على زيادة التحليل حين لا تتوفر مجموعة بيانات الشبكة للطريق.
• ويقع 27 بالمئة تقريبًا من السكان ضمن المناطق الأكثر عرضة لمخاطر الفيضانات والانهيارات الأرضية.
• ويقع 104 مرحاض و45 غرفة غسيل تقريبًا ضمن المناطق الأكثر عرضة للفيضانات والانهيارات الأرضية.

وقد تم أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي عند التخطيط للمخيم لزيادة بيانات نظم GIS. يمنح الذكاء الاصطناعي نظم GIS القدرة على تشغيل التصوير المعقد بشكل تلقائي وسريع. من الممكن برمجة الصور الجوية إلى جانب بيانات الخريطة المستمدة من OpenStreetMap والشركاء الآخرين من أجل التعرف على المعالم الجغرافية وتصنيفها، بما في ذلك المباني والعناصر من صنع البشر والغطاء النباتي والتربة. (ولتخفيف حدة الأمور المتعلقة بالخصوصية، تحلق الطائرة المسيرة على ارتفاع عالٍ جدًا لالتقاط صور للأفراد يمكن التعرف عليها.) وتمنح هذه الصور الثرية لمسؤولين المخيم نظرة شاملة للبنية المخصصة للمنطقة. تصبح هذه المعلومات جزءًا من قاعدة بيانات نظم GIS، والتي تتيح لعمال التضاريس تصور كثافة الكتلة.

تساعد مجموعة الصور الجوية ونظم GIS والذكاء الاصطناعي العمال على معرفة الأرض الموجود عليها المخيم. ينطوي هذا التدفق الكبير إلى هذا الحد اضطرابات بيئية هائلة. إزالة كل المنشآت البشرية من الخريطة يترك سطح الأرض فقط، مما يوفر نموذج تضاريس رقمي يمكن استخدامه لحساب نموذج الفيضان ومخاطر الانهيار الأرضي.

وعقب تخطيط المخيم والمساعدة في تخطيط الموقع وتطويره، يوفر استخدام الصور ونظم GIS في كوتوبالونج منصة لنطاق واسع من البيانات. ومن خلال الأجهزة المتنقلة، يستطيع عمال التضاريس من اليونيسيف وغيرها من الوكالات الوصول إلى مختلف مجموعات البيانات المستندة إلى السحابة، مما يساهم في الحصول على المعلومات اللازمة لتنفيذ الأعمال المهمة.

يبلغ الآن تعداد السكان المقدر لكوتوبالونج بالوخالي ومخيمات الأقمار الصناعية التي تشكلت حوله، حوالي 900,000. توفر رحلات الطائرات المسيرة المستمرة مشاهد خاطفة للمخيم، وتوفر البيانات الجديدة سياق على مستوى الواقع. وتكون النتيجة مستند رقمي فعال يتطور مع المخيم ويقدم لعمال التضاريس رؤية قابلة للتنفيذ للمساعدة في تحسين ظروف اللاجئين.

يتميز جمع وتحليل البيانات متعددة الطبقات باستخدام الطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي بتأثيرات بعيدة المدى. قد تساعدنا هذه الممارسات على فهم المناطق الجغرافية بشكل أفضل بحيث نتمكن من أن نصبح أفضل خبراء على كوكب الأرض ونحمي الأفراد المعتمدين على موارد الكوكب. كما نؤسس أنفسنا بدعائم التعلم عام بعد عام بحيث نستطيع العمل تجاه حل مشكلاتنا الأكثر تعقيدًا.